عدد المساهمات : 291 تاريخ التسجيل : 31/10/2011 العمر : 40
موضوع: الإيمان بالملائكة عليهم السلام7 الثلاثاء نوفمبر 01, 2011 11:30 am
الإيمان بالملائكة عليهم السلام7 7- تمثلات وتشكلات الملائكة عليهم السلام:
إن الملائكة عليهم السلام تتشكل بأشكال مختلفة -بإذن من الله- حسب المناسبات التي تقتضيها الحالات.
ومن تمثلات الملائكة حسب المناسبة:
- فقد جاء جبريل عليه السلام متمثلاً بصورة بشرٍ سوي الخلق كامل البنية مريم عليها السلام يبشرها بغلام زكي طاهر النفس وهو المسيح عيسى ابن مريم، قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذْ انتَبَذَتْ(1) مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجَابًا(2) فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا(3) فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا * قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَانِ مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيًّا * قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا(4)} [مريم: 16 - 19].
وقد جاء إلى إبراهيم عليه السلام ملائكة في صورة شبان حسان ضيوفاً وبشروه بغلام
وكان جبريل عليه السلام يأتي النبيَّ عليه الصلاة والسلام بصورة رجل أعرابي حسن المنظر غير معلوم لدى الناس.
عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال: " بَيْنَما نَحْنُ جُلْوسٌ عِنْدَ رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إذْ طَلَعَ عَلَيْنَا رَجُلٌ شَدِيدُ بَياضِ الثِّيَاِب شَديدُ سَوَادِ الشَّعَرِ، لا يُرَى عليه أَثَرُ السَّفَرِ ولا يَعْرِفُهُ مِنَّا أَحَدٌ، حَتى جَلَسَ إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم، فأسْنَدَ رُكْبَتَيْهِ إلى رُكْبَتَيْهِ ووَضَعَ كَفَّيْهِ على فَخِذَيْهِ، وقال: يا محمَّدُ أَخْبرني عَن الإسلامِ، فقالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: الإسلامُ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وأَنَّ محمِّداً رسولُ الله، وتُقِيمَ الصَّلاةَ، وتُؤتيَ الزَّكاةَ، وتَصُومَ رَمَضان، وتَحُجَّ الْبَيْتَ إن اسْتَطَعتَ إليه سَبيلاً. قالَ صَدَقْتَ. فَعَجِبْنا لهُ يَسْأَلُهُ ويُصَدِّقُهُ، قال : فَأَخْبرني عن الإِيمان. قال: أَن تُؤمِنَ باللهِ، وملائِكَتِهِ وكُتُبِهِ، ورسُلِهِ، واليَوْمِ الآخِرِ، وتُؤمِنَ بالْقَدَرِ خَيْرِهِ وشَرِّهِ. قال صدقت. قال : فأخْبرني عَنِ الإحْسانِ. قال: أنْ تَعْبُدَ الله كَأَنَّكَ تَرَاهُ فإنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فإنَّهُ يَرَاك. قال: فأَخبرني عَنِ السَّاعةِ، قال:ما المَسْؤولُ عنها بأَعْلَمَ من السَّائِلِ . قال: فأخبرني عَنْ أَمَارَتِها (1)، قال: أن تَلِدَ الأمَةُ رَبَّتَها، وأَنْ تَرَى الحُفاةَ العُراةَ العالَةَ رِعاءَ الشَّاءِ يَتَطَاوَلُون في الْبُنْيانِ، ثُمَّ انْطَلَقَ، فَلَبثْتُ مَلِيّاً، ثُمَّ قال: يا عُمَرُ، أَتَدْرِي مَنِ السَّائِلُ؟ قُلْتُ: اللهُ ورسُولُهُ أَعلَمُ . قال: فإِنَّهُ جِبْرِيلُ أَتاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ ". رواه مسلم.
وعن عائشة رضي الله عنها أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحياناً يأتيني مثل صلصة الجرس - وهو أشدُّه عليَّ - فيفِصمُ عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة رضي الله عنها ولقد رأيته صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصَّدُ عرقاً. رواه البخاري.
-وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بصور حسب المناسبة التي اقتضتها تلك الحالة، فجاء يوم نبي قريظة بصورة محارب عليه السلاح.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل عليه السلام وهو ينفض رأسه من الغبار، فقال: قد وضعت السلاح؟ واللهِ ما وضعناه فاخرج إليهم. قال: فإلى أين. قال: هاها. وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبي "صلى الله عليه وسلم إليهم قال أنس رضي الله عنه: كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً(2) في زقاق بني غنم(3) موكب جبريل عليه السلام حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة. رواه البخاري.
________________
1- علاماتها.
2-مرتفعاً
3- جماعة من الركاب يسيرون برفق.
وقد تمثل المَلك بصورة أبرص ثم بصورة أقرع ثم بصورة أعمى حيث أرسله الله تعالى ليبتلي الذي كان أبرص والذي كان أقرع والذي كان أعمى، فأكرمهم الله بحسن الحال والصحة والكمال فجاء الملَك يختبرهم: أيشكرون نعمة الله عليهم ويعرفونها ويؤدون حقها، أم يجحدون ويكفرون بنعمة الله تعالى.
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن ثلاثة من بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى أراد الله أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً فأتى الأبرص، فقال له: أيُ شيء أحب إليك؟ فقال لون حسن وجلد حسن قد قذرني الناس. قال: فمسحه الملك: فذهب عنه فأعطي لوناً حسناً وجلداً حسناً. فقال له الملك: وأي المال أحب إليك؟ فقال: الإبل، فأعطاه ناقة عشراء، وقال: بارك الله فيها.
وأتى -أي الملَكُ- الأقرع، فقال: أيُّ شيء أحب إليك؟ فقال: شعر حسن ويذهب عني هذا الذي قذرني الناس. فمسحه -أي الملك- فذهب وأعطي شعراً حسناً، فقال الملك: فأيُّ المال أحب إليك؟ فقال: البقر، فأعطاه بقرة حاملاً، وقال: بارك الله لك فيها.
وأتى -أي الملَك- الأعمى، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: يرد الله عليَّ بصري فأبصر به الناس، قال: فمسحه الملك، فردّ الله إليه بصره، قال: فأيَّ المال أحبُّ إليك؟ قال: الغنم، فأعطاه شاةً والداً.
فأنتج هذان وولد هذا، فكان لهذا وادٍ من إبل ولهذا وادٍ من بقره، ولهذا وادٍ من غنم.
ثم إنه -أي الملَك- أتى الأبرص في صورته -أي في صورة الأبرص حين كان أبرص- وهيئته، فقال -الملك- له: رجل مسكين انقطعت به الحبال(1) فلا بلاغ له اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال، أسألك بعيراً أتبلغ به في سفري، فقال له الأبرص: إن الحقوق كثيرة، فقال له -الملك- كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس، فقيراً فأعطاك الله تعالى؟ فقال الأبرص: إنما ورثت هذا المال كابراً عن كابر(2) فقال له الملك: إن كنت كاذباً صيرك الله إلى ما كنت(3).
وأتى الأقرعَ في صورته وهيئته، فقال له مثل ما قال للأبرص فردَّ عليه الأقرع مثل ما ردَّ على الأبرص، فقال له الملك: إن كنت كاذباً فصيرك الله إلى ما كنت(4)
________________________________
1- أي أسباب الرزق في السفر.
2- كبيراً عن كبير في العزّ والشرف (أبّا عن جد).
3- أرجعك إلله إلى الحالة التي كنت عليها وهي البرص.
4- أرجعك الله إلى الحالة التي كنت عليها وهي القرع
وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال له: رجل مسكين وابن سبيل، انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك، أسألك بالذي ردَّ عليك بصرك شاةً أتبلغ بها في سفري، فقال له الأعمى: قد كنت أعمى فردَّ الله علي بصري وفقيراً فقد أغناني، فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك بشيء أخذته لله، فقال: أمسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك".
- وكان جبريل عليه السلام يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بصورة دِحْيَة الكلبي إذ كان جميل الصورة وحسن الهيئة.
- أحكام خاصة في تمثلات الملائكة عليهم السلام: تمثلات الملك لها أحكامها الخاصة.
فلا يلزم من تمثل الملك بصورة بشر أن تناله الأحكام البشرية كلها بل تعتريه بعض العوارض المناسبة له:
مثال ذلك:
1- إصابة الملك بغبار فيمسحه، فقد ورد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من الخندق وضع السلاح واغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار. رواه البخاري.
2- إصابة الجسم بآفة إذا أصيب بضربة كاللطمة على العين فتفقأها، فقد ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "جاء ملك الموت إلى موسى عليه السلام فقال له: أجب ربك، قال فلطم(1) موسى عين ملك الموت ففقأها، قال فرجع الملك إلى الله تعالى، فقال: إنك أرسلتني إلى عبد لك لا يريد الموت وقد فقأ عيني، قال فردَّ الله إليه عينه، وقال: ارجع إلى عبدي - أي إلى موسى - فقل: الحياةَ تريد؟ فإن كنت تريد الحياة فضع يدك على متن ثور(2) فما توارت(3) يدك من شعرة فإنك تعيش بها سنة. فقال - أي موسى عليه السلام -: ثم ته(4) ؟ قال - أي ملك الموت -: ثم تموت. قال -موسى عليه السلام-: فالآن من قريب، ربِّ أمتني من الأرض المقدسة رميةً بحجر" ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والله لو أني عنده لأريتكم قبره إلى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر(5)" متفق عليه واللفظ لمسلم.
________________________________.
(2) ضرب.
(3) ظهر.
(4) غطت.
(5) أي ماذا يكون بعد ذلك.
(6) المجتمع من التراب.
أمَّا العوارض التي لا تعتريهم ولا تنالهم فهي:
- الأكل والشرب لما ورد في الآيات الكريمة لمّا جاءت الملائكة عليهم السلام إلى خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام ضيوفاً وقدم لهم طعاماً -وهو عجل سمين- لم يتناولوا منه شيئاً.
والنوم : لأن الملائكة عليهم السلام لا يسكنون عن عبادة الله أبداً ولا يتعبون.
{فقربه(1) إليهم(2) قال ألا تأكلون * فأوجس(3) منهم خيفة}.
{وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ(4) * يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ(5)} [الأنبياء: 19 - 20].