عدة المطلقة وحق المرأة
{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ(228)}
ثم قال تعالى مبيناً أحكام العدّة والطلاق الشرعي {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} أي الواجب على المطلقات الحرائر المدخول بهن أن ينتظرن مدة ثلاثة أطهار-على قول الشافعي ومالك- أو ثلاث حِيَض على قول أبي حنيفة وأحمد ثم تتزوج إن شاءت بعد انتهاء عدتها، وهذا في المدخول بها أما غير المدخول بها فلا عدة عليها لقوله تعالى {فما لكم عليهن من عدة} {وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} أي لا يباح للمطلقات أن يخفين ما في أرحامهن من حبلٍ أو حيض استعجالاً في العدة وإِبطالاً لحق الزوج في الرجعة {إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} أي إن كنَّ حقاً مؤمناتٍ بالله ويخشين من عقابه، وهذا تهديد لهنَّ حتى يخبرن بالحق من غير زيادة ولا نقصان لأنه أمر لا يُعلم إلاّ من جهتهنَّ {وَبُعُولَتهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا} أي وأزواجهن أحقُّ بهنَّ في الرجعة من التزويج للأجانب إذا لم تنقض عدتهن وكان الغرض من الرجعة الإِصلاح لا الإِضرار، وهذا في الطلاق الرجعي {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} أي ولهنَّ على الرجال من الحق مثل ما للرجال عليهن، بالمعروف الذي أمر تعالى به من حسن العشرة وترك الضرار ونحوه {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} أي وللرجال على النساء ميزةٌ وهي فيما أمر تعالى به من القوامة والإِنفاق والإِمرة ووجوب الطاعة فهي درجة تكليفٍ لا تشريف لقوله تعالى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] {وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} أي غالب ينتقم ممن عصاه حكيم في أمره وتشريعه.