سبب النزول:
عن ابن عباس قال: لما قدم أهل نجران من النصارى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتهم أخبار اليهود فتنازعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رافع بن حرملة: ما أنتم على شيء وكفر بعيسى وبالإنجيل، وقال رجل من أهل نجران من النصارى لليهود: ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة فأنزل الله {وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ}.
رأي كل فريق من اليهود والنصارى في الآخر
{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ(111)بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ(112)وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(113)}.
{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَ مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى} أي قال اليهود لن يدخل الجنة إِلا من كان يهودياً، وقال النصارى لن يدخل الجنة إِلا من كان نصرانياً {تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ} أي تلك خيالاتهم وأحلامهم {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ} أي قل لهم يا محمد ائتوني بالحجة الساطعة على ما تزعمون إِن كنتم صادقين في دعواكم.
{بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ} أي بلى يدخل الجنة من استسلم وخضع وأخلص نفسه لله {وَهُوَ مُحْسِنٌ} أي وهو مؤمن مصدّقٌ متبعٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم {فلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} أي فله ثواب عمله ولا خوف عليهم في الآخرة ولا يعتريهم حزنٌ أو كدر بل هم في نعيم مقيم.
{وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ} أي كفر اليهود بعيسى وقالوا ليس النصارى على دين صحيح معتدٍّ به فدينهم باطل {وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ} أي وقال النصارى في اليهود مثل ذلك وكفروا بموسى {وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} أي والحال أن اليهود يقرؤون التوراة والنصارى يقرؤون الإِنجيل فقد كفروا عن علمٍ.
{كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قوْلِهِمْ} أي كذلك قال مشركو العرب مثل قول أهل الكتاب قالوا: ليس محمد على شيء {فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} أي يحكم بين اليهود والنصارى ويفصل بينهم بقضائه العادل فيما اختلفوا فيه من أمر الدين.