سبب نزول الآية (109):
قال ابن عباس: نزلت في نفر من اليهود قالوا للمسلمين بعد وقعة أحد: ألم تروا إلى ما أصابكم، ولو كنتم على الحق، ما هُزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم.
المناسبة:
بعد أن نهى الله سبحانه في الآيات السالفة عن الاستماع لنصح اليهود ورفض آرائهم، ذكر هنا وجه العلّة، وهي أنهم يحسدون المسلمين على نعمة الإسلام ويتمنون أن يحرموا منها، فهم لا يكتفون بكفرهم بالنبي والكيد له ونقض العهود، وإنما يتمنون أن يرتد المسلمون عن دينهم.
حسد أهل الكتاب للمؤمنين وكيفية الرد عليهم
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(109)وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(110)}
{وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} أي تمنى كثير من اليهود والنصارى {لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا} أي لو يصيّرونكم كفاراً بعد أن آمنتم {حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ} أي حسداً منهم لكم، حملتهم عليه أنفسهم الخبيثة {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ الْحَقُّ} أي من بعد ما ظهر لهم بالبراهين الساطعة أن دينكم هو الحق {فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا} أي اتركوهم وأعرضوا عنهم فلا تؤاخذوهم {حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ} أي حتى يأذن الله لكم بقتالهم {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي قادر على كل شيء فينتقم منهم إِذا حان الأوان.
{وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} أي حافظوا على عمودي الإِسلام وهما "الصلاة والزكاة" وتقربوا إِليه بالعبادة البدنية والمالية {وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ} أي ما تتقربوا به إِلى الله من صلاة أو صدقة أو عمل صالح فرضاً كان أو تطوعاً تجدوا ثوابه عند الله {إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} أي رقيب عليكم مطلع على أعمالكم فيجازيكم عليها يوم الدين.