القرار الشجاع
انتهزت سارة فرصة تأثر أريج ومها .. وقالت :
الناس الأقوياء فقط هم الذين يستطيعون اتخاذ القرار الشجاع بتغيير طباعهم وتصرفاتهم إلى الأحسن والأصوب ..
كم من أخواتنا المؤمنات اقتنعت بوجوب تغطية الوجه .. أو على الأقل اقتنعت بأن الأفضل تغطيته .. وتتمنى أن تغطي وجهها .. وإذا رأت مسلمة قد غطت وجهها تمنت لو تحذو حذوها .. ومع ذلك تمر عليها الشهور .. وربما السنوات دون أن تتخذ القرار الشجاع بالطاعة والاتباع ..
يقول الله تعالى :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا "..[الأحزاب: 36] .
لاحظي قوله :" وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ " .. أي الخطاب عام للرجال والنساء .. نهاهم الله تعالى جميعاً أن يكون لهم اختيار آخر مع اختياره ..
فليست أوامر الله مبنية على الاختيار والتشهي .. وتغطية الوجه والتزام الحجاب ليس سنة من السنن كصلاة الضحى والصدقة إن شئت أن تفعليها أو تتركيها .. لا .. بل هي فريضة فرضها الله تعالى على المسلمات .. وسوف يسألك الله عنها ..
أريج .. مها .. والله إني لكما ناصحة ..
الحجاب فيه حِرَاسةٌ شرعية للأعراض وزجر للمتلاعبين .. وفيه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات "ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن" .. وهو يزيد المرأة حياء وخجلاً واحتشاماً .. والحجاب يقطع الخواطر الشيطانية ، ويكف الأعين الخائنة ..
أريج .. مها .. الكون كله يتحجب !!
الكرة الارضية عليها غلاف ..
والثمار الندية عليها حجاب ..
والسيف : يحفظ داخل غمده ..
والقلم بدون غطاء يجف حبره وتنعدم فائدته ويُلقى تحت الأقدام لأنه فقد الغطاء ..
ترى.. لماذا تغلف بناتنا كتبهن ودفاترهن ؟ إلا لحمايتها ..
والمرأة زهرة جميلة الكل يشتهي أن يقطفها .. فلا بد أن نحميها بحجاب ..
والتفاحة لو نزعت قشرتها وتركتها فسدت ..
والموز لو نزعت قشره انقلب أسود ..
وعين الإنسان لما كانت غالية جعل عليها حجاب ..
ألا .. فكوني بطلة وتحجبي فإن الكون كله يتحجب ..
كانت مها متأثرة كثيراً بما تسمع .. وتذكرت قصة الفتاة الأمريكية التي قرأت قصتها يوماً في أحد مواقع الإنترنت .. فقالت : سارة .. والله إن الحجاب عِزة وشرف .. وربما دخل بعض الكفار في الإسلام بسبب الحجاب !!
تعجبت سارة .. وقالت : يدخلون في الإسلام بسبب الحجاب !! كيف ؟
قالت مها : نعم .. قرأت في أحد مواقع الانترنت أن فتاة لتمسكها بحجابها أسلم على يدها 7 أشخاص ..!!
هي طالبة أمريكية متمسكة بحجابها معتزة بدينها أسلم بسببها 3 من الدكاترة في الجامعة وأربعة من الطلبة .. لما أسلم أحد الدكاترة بدأ يذكر قصته ويقول :
قبل أربع سنوات ثارت عندنا زوبعة كبيرة في الجامعة وذلك لما حيث التحقت بالجامعة طالبة مسلمة أمريكية وكانت متحجبة .. وكان أحد الأساتذة من معلميها متعصباً لدينه يبغض الإسلام ..
كان يكره كل من لا يهاجم الإسلام فكيف بمن يعتنق الإسلام ؟!!
كان يبحث عن أي فرصة لاستثارة هذه الطالبة الضعيفة .. لكنها كانت قوية بإيمانها فكان ينال من الإسلام أمام الطلاب والطالبات .. وكانت تقابل شدته بالهدوء والصبر والاحتساب ..
ازداد غيظه وحنقه .. فبحث عن طريقة أخرى ماكرة ..
بدأ يترصد لها بالدرجات في مادته .. ويلقي المهام الصعبة عليها في البحوث .. ويشدد عليها بالنتائج ..
تحملت كثيراً .. ثم قدمت شكوى لمدير الجامعة للنظر في وضعها ..
فأجابت الجامعة طلبها وقررت أن يُعقد لقاء بين الطرفين مع جمع من الأساتذة لسماع وجهة نظر الفتاة مع المعلم ..
حضر أكثر الدكاترة لهذه المناظرة التي تعتبر الأولى من نوعها بالجامعة ..
بدأت الطالبة تذكر أن الأستاذ يبغض الإسلام ولأجل هذا فهو يظلمها ولا يعطيها حقوقها .. ثم ذكرت بعض الأمثلة ..
كان بعض الطلبة قد حضروا وشهدوا معها ضد الدكتور مع أنهم غير مسلمين ! ..
لم يجد الدكتور جواباً ففقد أعصابه وبدأ يسب الإسلام ويتهجم عليه ..
فقامت الفتاة تدافع عن دينها وتظهر محاسن الإسلام .. وكان لها أسلوب عجيب جذبت به الحاضرين ..
حتى بدؤوا يسألونها عن أمور تفصيلية في الإسلام فتجيب بسرعة بلا تردد ! ..
لما رأى الدكتور أن الجلسة تحولت إلى محاضرة عن الإسلام !! خرج من القاعة غاضباً ..
استمرت الفتاة تتكلم .. ثم فتحت حقيبتها وأهدت إليهم ورقتين مكتوب عليهما ( ماذا يعني لي الإسلام ؟ ) ..
بدؤوا يقرؤون .. والفتاة تواصل حديثها بحماس ..
بينت لهم أهمية الحجاب .. ثم تفرقوا .. وصارت قصتها وحجابها حديث الجامعة أياماً ..
جعل الطلاب والدكاترة يتناقلون أوراقها عن الإسلام ..
ولم تمض أشهر حتى دخل ثلاثة دكاترة وأربعة طلاب في الإسلام ..
كانت سارة وأريج مستمتعتان بالقصة كثيراً .. وهي ممتعة فعلاً ..
وكانت الأسئلة عند أريج لم تنته بعد .. خاصة بعدما رأت سارة متجاوبة معها ..
--------------------------------------------------------------------------------
من يرى الملكة ؟!
قالت أريج : سارة .. إذن من الذين يجوز أن أكشف وجهي وأخرج زينتي عندهم ..
سارة : هم المحارم فقط .. وهم الذين لا يجوز أن تتزوجيهم .. وهم اثنا عشر صنفاً .. ذكرهم الله في سورة النور فقال تعالى :
" ولا يبدين زينتهن إلا :
1. لبعولتهن ( الزوج ) ..
2. أو آبائهن ( الأب ) ..
3. أو آباء بعولتهن ( أبو الزوج ) ..
4. أو أبنائهن ( الأبناء ، سواء من النسب أو من الرضاعة ) ..
5. أو أبناء بعولتهن ( أبناء الزوج من امرأة أخرى إن كان عنده أكثر من زوجة ) ..
6. أو إخوانهن ( إخوان المرأة ، سواء الأشقاء أو الإخوان من الأب أو الإخوان من الأم ) ..
7. أو بني إخوانهن ( أبناء إخوانها الذين تكون هي عمتهم أخت أبيهم ) ..
8. أو بني أخواتهن (أبناء أخواتها الذين تكون هي خالتهم أخت أمهم ) ..
9. أو نسائهن ( النساء عموماً ) ..
10. أو ما ملكت أيمانهن ( العبد المملوك الرقيق ) ..
11. أو التابعين غير أولى الإربة من الرجال ( وهم فاقدو الإدراك الذين ليس عندهم شهوة للنساء ولا رغبة فيهن ) ..
12. أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء " ( الأطفال الصغار غير البالغين ) ..
--------------------------------------------------------------------------------
كانت مها وأريج تنصتان إلى سارة بإعجاب .. وهن في غاية التسليم لأمر الله .. بل إن أريج جعلت تعدل من خمارها الذي تلفه على رأسها وتحاول أن تخرج منه جزءاً تغطي به وجهها .. وهكذا فعلت ..
وهي تقول : من اليوم وصاعداً .. يا وجه لن يراك إلا المحارم ..
آآآآه .. ما أجمل طاعة الله ..
غابت الشمس .. وأذن لصلاة المغرب .. وقد أمضت الفتيات ثلاث ساعات في حديثهن ..
وكان وقت المعرض يشارف على نهايته .. والفراق قد حان .. لكن فصلاً مهماً من هذا الكتاب كان لا بد من قراءته ..
قالت سارة : أريج .. مها .. هل أنتما مستعجلتان ؟! .. بقي معنا فصل في هذا الكتاب حول أدلة من يجيزون كشف الوجه والرد عليهم .. أتمنى أن أقرأه معكما .. حتى لو ناقشكما أحد حول تغطية الوجه تكونان على معرفة بالأدلة .. هاه ما رأيكما ؟
قالت أريج : رائع .. لكن يبدو أنه سيكون بعد صلاة المغرب ..
قامت الفتيات يصلين المغرب بكل سكينة ..
وبعد الصلاة اتصلت سارة بأبيها وطلبت منه أن يتأخر عليها قليلاً ..
ثم عادت إلى صاحباتها وجلست معهن ..
فتحت سارة ص46 وقرأت العنوان :
ثلاثة أدلة استدل بها القائلون بجواز كشف الوجه ، والرد عليها
دليلهم الأول :
استدلوا بحديث سفعاء الخدين .. وهو ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توجه في آخر خطبة العيد للنساء .. ثم أمر النساء بالصدقة ..
قال جابر : فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت : لم يارسول الله ؟ .. إلى آخر الحديث ..
والشاهد منه أنهم قالوا : سفعاء الخدين : أي في خديها تغير وسواد ..
قالوا : فمن أين عرف جابر – راوي الحديث – أنها سفعاء الخدين وعرف لون خديها .. إلا لأنها كانت كاشفة وجهها فرأى صفة خديها ..
والجواب عن استدلالهم به :
أولاً : قد روى القصة نفسها صحابة كثير غير جابر ، كلهم حضروا الصلاة ورأوا المرأة ، ولم يذكر أحد منهم صفة خديها ، فروى القصة أيضاً أبو هريرة وابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم ، فلعل جابراً كان يعرف المرأة من قبل ورآها قبل الحجاب ، أو أن لفظة : سفعاء الخدين هي لقب للمرأة ، لذلك لم يعرف عنها هذا الوصف إلا جابر ..
ففي رواية ابن مسعود قال .. فقالت امرأة ليست من علية النساء : وبم يا رسول الله .. ( رواه حمد والحاكم ) ..
وفي رواية ابن عمر قال : .. فقامت امرأة منهن جزلة ( قال النووي في شرحه : جزلة بفتح الجيم : تامة الخلق ( أي قوية البدن ) وكلامها جزل أي شديد ) فقالت : ومالنا يا رسول الله ؟.. ( رواه مسلم ) .. فانظري كيف لما رأى تكامل جسدها من بعيد وصفه فقال : جزلة ، ولم يذكر صفة وجهها ..
وفي رواية ابن عباس قال : فقالت امرأة واحدة لم يجبه غيرها منهن : نعم يا نبي الله ، لا يدرى حينئذ من هي ، قال : فتصدقن .. ( متفق عليه ) ..
وفي رواية أبي هريرة قال : .. فقالت امرأة منهن : ولم ذلك يا رسول الله ؟ .. ( رواه مسلم ) ..
وفي رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : ..فقلن : وبمَ يا رسول الله ؟ .. ( متفق عليه ) ..
فهؤلاء خمسة من الصحابة كلهم حضروا الحادثة غير جابر رضي الله عنه ، ولم يذكر واحد منهم صفة وجهها ، فلعل جابراً كما تقدم كان يعرف وصفها من قبل ، أو أنه لمحها أول ما قامت وقد سقط خمارها عن وجهها .. أو غير ذلك ..
ثانياً : أن هذه المرأة إن كانت فعلاً كاشفة وجهها فقد تكون من القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً ، وذلك لأن الفتيات الشابات ليس عندهن من الجرأة أن تقوم في محفل كبير كهذا وتتكلم بصوت عال يسمعه الرجال .. فلعلها لكبر سنها رأت نفسها كالأم للجالسات فقامت تسأل ..
ثالثاً : أن قوله " من سطة النساء .. سفعاء الخدين " أي ليست من أعاليهن نسباً ، وفي خديها سواد ، وهذا الوصف في الغالب ينطبق على الإماء المملوكات ، وهن لا يجب عليهن تغطية وجوههن كوجوبه على الحرائر ..
رابعاً : أن هذا الحديث قد يكون قبل نزول فرض الحجاب ، فإن الحجاب فرض في السنة الخامسة أو السادسة للهجرة ، وصلاة العيد فرضت في السنة الثانية للهجرة ..
كانت سارة تقرأ بحماس ..
وكانت مها وأريج تستمعان بإعجاب ..
قال أريج : سبحان الله .. سارة .. لقد قرأت مقالاً في إحدى الجرائد يدعو إلى كشف المرأة لوجهها .. ويستميت في سبيل نزع خمارها .. وكأن هزائم الأمة كلها بسبب قطعة قماش جعلتها المرأة على وجهها ..
ما علينا .. المهم استدل بهذا الحديث على جواز كشف الوجه .. وبصراحة لما قرأت الحديث .. وأنه رواه مسلم .. وقع في قلبي شك .. ولم أنتبه إلى أن هذا الكاتب أغفل الروايات الأخرى واختار الرواية التي تؤيد مذهبه .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
قالت سارة : عفا الله عنا وعنه .. أحسني الظن به ، لعله ما اطلع على هذه الروايات .. وليتك إن كنت تعرفين عنوانه أن تهديه نسخة من هذا الكتاب .. فلعل الله تعالى أن ينفعه به ..
ثم نظرت سارة إلى ساعتها وقالت : طيب .. نكمل ؟
قالت أريج : نعم أكملي .. ولا تنظري إلى ساعتك لا يزال الوقت مبكراً ..
فتحت سارة ص48 وقرأت :
الدليل الثاني
قصة المرأة الخثعمية ..
روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن أخيه الفضل بن العباس قال :
" أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضل بن عباس يوم النحر خلفه على عجز راحلته ، وكان الفضل رجلاً وضيئاً ، فوقف النبي صلى الله عليه وسلم للناس يفتيهم ، وأقبلت امرأة من خثعم وضيئة تستفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فطفق الفضل ينظر إليها ، وأعجبه حسنها ،
فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها ، فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فعدل وجهه عن النظر إليها "..( أي أدار وجه الفضل عنها بيده الشريفة صلى الله عليه وسلم ) .. متفق عليه
والجواب عن استدلالهم به :
أولاً : ليس في الرواية التصريح بأن المرأة كانت كاشفة الوجه ..
وكلمة وضيئة : أي بيضاء .. جميلة .. حسناء .. جسمها حسن ..
وحتى تحكم لامرأة بالبياض والوضاءة ليس شرطاً أن تنظر إلى وجهها ، بل يكفي أن يظهر لك شيء من يديها .. أو ترى أطراف قدميها .. فتعلم بياضها ونضارة جلدها ..
فلا يصح أن نجزم فوراً أن المرأة كانت كاشفة وجهها ، ولو كانت كذلك لقال الراوي : جاءت امرأة جميلة .. لكنه اكتفى بقوله وضيئة أي بيضاء ..
ثانياً : ذكر في الرواية أن الفضل لما رآها " أعجبه حسنها " ولم يقل : أعجبه جمالها .. لأن الجمال يتعلق بالوجه والوجه كان مستوراً .. فرأى الفضل جمال جسمها وتناسق قوامها فأعجبه حسنها .. وجعل يتأملها فصرف النبي صلى الله عليه وسلم بصره عنها ..
ثالثاً : نفرض أن المرأة كانت كاشفة وجهها - فعلاً - فلو كان كشف المرأة عن وجهها جائزاً دائماً في الحج وغيره – كما يفتي بعضهم – لما صرف النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل عن النظر إلى المرأة لأن الفضل لم يفعل حراماً ..
رابعاً : أنه جاء في رواية لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ولوى عنق الفضل ، فقال له العباس : يا رسول الله ، لم لويت عنق ابن عمك ؟! فقال : رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما .. رواه الترمذي .. فهو صلى الله عليه وسلم لوى عنق الفضل لا لأجل أن لا ينظر الفضل إليها ويرى حسن قوامها ويسمع جمال منطقها ، وإنما لأن الفضل أيضاً كان جميلاً فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن تفتن به المرأة ,, فأراد أن لا تنظر هي إليه ولا ينظر هو إليها .. فيسد الباب على الاثنين ..
كان الكلام مقنعاً فعلاً .. فلم يصرح في الحديث أنها كانت كاشفة الوجه ..
كانت أريج تستمع بتركيز شديد .. وكأنها ستدخل امتحاناً ..
فلما أنهت سارة القراءة .. قالت أريج : انتهت الردود ..!!
قالت سارة : نعم .. أربعة ردود كافية ..
قالت أريج : أنا عندي رد خامس استخرجته من هذا الحديث على من يقولون بجواز كشف المرأة وجهها دائماً ..
التفتت مها متعجبة .. وقالت : مااااا شاء الله .. عندك رد خامس .. والله وطلعت الثقافة !! ما هو الرد يا فضيلة الشيخة ؟!!
غضبت أريج وقالت : أنا جادة .. والله عندي رد خامس ..
قالت سارة : ما هو ؟
أريج : إذا كان الفضل بن العباس رضي الله عنه هذا الصحابي الجليل وهو حاج أي بإحرامه من غير زينة .. والمرأة صحابية كريمة وهي حاجة أيضاً أي بإحرامها من غير زينة .. مع ما كان عليهما من العرق واتساخ الثياب .. وظهور الإرهاق على الوجوه بسبب التعب وكثرة المشي .. والحر الشديد وعدم وجود مكيفات ولا أي شيء من وسائل الراحة والتجمل .. ووجود رسول الله صلى الله عليه وسلم معهما .. ومع ذلك لم يستطع صرف بصره عن جمال هذه المرأة وهما حجاج في مكة .. !!! حتى صرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده .. !!
آآآآه .. يا للهول .. ما بالك بالله عليك بمن يقول يجوز للمرأة أن تكشف وجهها بين زملائها في الشركة .. وتكشفه في السوق بين البائعين .. وتكشفه في البيت أمام إخوان زوجها .. وبين أبناء عمها وخالها .. وتكشفه في الطائرة .. وتكشفه في المستشفى ..
بالله عليك .. كم من نظرة إعجاب ستقع على هذا الوجه .. وكم من رجل متزوج مستور سيقلب نظره في محاسن وجوه النساء .. فيقل إعجابه بزوجته ..
صرخت مها : راااائع .. ممتااااز ..
كان صوتها عالياً .. التفتت بعض النساء الذين في المطعم إليها .. شعرت مها بالإحراج .. فخفضت رأسها ..
ضربتها أريج برجلها وقالت : ابقي هادئة .. بلاش صراخ .. أدري أن كلامي جميل .. وأنك لا يمكن أن تصلي لمستواي .. لكن لا تتحمسي كثيراً ..
كتمت سارة ضحكة كادت تدوّي بها .. وقالت : الله يزيدك علم يا أريج .. هاه بقي دليل .. نقرؤه أم ماذا ؟
قالت مها : اقرئيه .. اقرئيه .. يمكن صاحبة الفضيلة تخترع لنا كم رد !!
سكتت أريج .. نظرت إليها سارة متبسمة وقالت : لا تغضبي يا أريج .. كل ذي نعمة محسود .. والذي ما يطول العنب يقول حامض ..
تبسمت أريج .. وقالت : أكملي القراءة لنستفيد ..
فتحت سارة ص49 وقرأت :