لماذا الفوارق ؟!
سارة : أعود إلى بعض الفوارق بين الرجل والمرأة التي هي بسبب افتراقهما في طبيعة الخلقة والتكوين ..
فمن الأحكام التي اختصت بها النساء .. أنها ملكة مخدومة ..
فيجب على الرجل أن ينفق على زوجته .. وابنته وأمه وكل من كانت تحت ولايته .. ولا يجوز أن يقصر عنها بطعام ولا شراب ولا مسكن ولا ملبس ولا علاج ..
ويجب عليه أن يحميها من كل ضرر ينال عرضها .. بل قد قال صلى الله عليه وسلم : من قتل دون عرضه فهو شهيد ..
فالرجال قوامون على النساء بالرعاية وحراسة الفضيلة .. والكسب والإنفاق عليهن .. وهو معنى قوله تعالى : "الرجال قَوَّامونَ على النسَاء بِما فضَّل اللهُ بعضهمْ على بعضٍ وبِما أنفقوا مِن أمْوالهم " ..
لأن رعاية البيت والدفاع عنه تناسب طبيعته .. فهو يحمي الجبهة الخارجية .. والمرأة تحمي الجبهة الداخلية ..
لذا أوجب الله على الرجال عبادات أسقطها عن النساء .. فمثلاً : يجب عليهم الجهاد .. ويجب عليه شهود صلاة الجمعة .. والخروج في شدة الحر والبرد للصلاة في المسجد ..
قالت أريج : .. لكن .. سارة .. اسمحي لي .. يعني .. يعني ..
وبدت أريج مترددة في كلامها ..
قالت سارة : هاه .. ماذا عندك ؟!
أريج : هناك بعض الفوارق ..
لماذا المرأة تأخذ نصف ميراث الرجل ؟! أليس في هذا تفريقاً بينهما ؟!
فقالت سارة - وقد تملكت محبة الله وتعظيمه قلبها -: أريج .. لنكن واضحين ..
يعني تتوقعين أن الإسلام بينه وبين المرأة عداوة !! تعالى الله ..
لو كان الأمر كذلك .. لما خفف على المرأة في الصلاة .. فهي تصلي في البيت .. وتمكث أياماً من الشهر في إجازة من الصلاة في فترة عادتها الشهرية .. !! ..
وخفف عليها في الصوم فتفطر أياماً من رمضان أيضاً .. والحج يسقط عنها مهما ملكت من أموال الدنيا ما دامت لم تجد محرماً يذهب معها ويعتني بها .. و ..
أريج : أدري أن الله تعالى حكم عدل .. ولا يظلم ربك أحداً .. لكن .. ما سبب التفريق في الميراث ؟!!
سارة : لا يشرع الله تعالى شيئاً إلا لحكمة .. وهو سبحانه الرب العظيم الأعلم بمصلحة عباده ..
افرضي أن رجلاً مات وورثه ولد وبنت .. فلما أحصينا التركة فإذا هي مائة وخمسون ألفاً ..
كم للولد وكم للبنت ؟
أريج : للبنت خمسون ألفاً .. وللولد مائة ألف ..
سارة : طيب .. بعد سنة خطبت البنت .. وأعطاها خطيبها مهراً قدره خمسون ألفاً .. كم صار عندها ؟
أريج : مائة ألف ..
سارة : جاءها هديا بعد زواجها بما مجموعه عشرون ألفاً .. كم صار عندها ؟
أريج : مائة وعشرون ألفاً ..
سارة : وجهز زوجها الشقة واشترى الأثاث وتكفل بكل التكاليف الأخرى - إن وجدت - كالسفر .. والولائم .. والهدايا .. و ..
أما الولد فإنه خطب فتاة .. وأعطاها مهرها خمسين ألفاً .. فكم بقي عنده ؟
أريج : خمسون ألفاً ..
ثم اشترى أثاث الشقة من غرفة نوم وأثاث مطبخ وجهز مجالس الضيوف .. وأنفق في تكاليف الزواج الأخرى ستين ألفاً ..
هاه .. يا شاطرة !! كم بقي عنده ..
تبسمت أريج وقالت : يكون مديوناً بعشرة آلاف ..
سارة : وبقي عليه الإنفاق على البيت .. وتدريس الأولاد .. والإنفاق على الزوجة .. و .. وكل هذه تكاليف لا تجب على المرأة ..
أما أخته فالمائة ألف قد جعلتها في مشروع يدر عليها أرباحاً .. وزوجها ينفق عليها وعلى أولادها .. ويسدد إيجار الشقة وفواتير الهاتف والكهرباء والماء ..
يعني يا أريج .. الحقوق الواجبة في مال الرجل أكثر من الحقوق الواجبة في مال المرأة .. ومقدار كبيييير من مال الرجل يصرفه على المرأة .. سواء كانت زوجة أو بنتاً أو أماً أو أختاً ..
فالأمر كما قال الله " إن ربك حكيم عليم " جمع بين الحكمة في التشريع .. والعلم بحاجات الناس ..
كان الهدوء والخشية ظاهران على محيا أريج ومها .. وهما تتأملان في حكمة هذا الرب العظيم .. الحممممد لله .. كم أحبك يا ربي ..
عجباً .. ما أعدلك وأحكمك .. هل نبحث عن حكمٍ غيرِ حكمك ؟ أو شريعة أكمل من شريعتك ؟ أين هؤلاء المطبلون الذين يخفون عنا هذه الحكم العظيمة في التشريع .. أعوذ بالله .. يحاولون أن يصرفونا عن الدين وكأنه للرجال دون النساء ..
--------------------------------------------------------------------------------
إن ربك حكيم عليم
قالت سارة : وعموماً يجب علينا جميعاً أن نرضى بما قسم الله لنا ..
فكما أن الرجل لا يجوز له أن يتمنى ما فضلت به المرأة من لبس الذهب والحرير .. وسقوط كثير من التكاليف الشرعية عنها .. والتخفيف عليها في العبادات .. مع وجوب كل ذلك على الرجل ..
كذلك المرأة ينبغي أن ترضى بما قسم الله لها ..
ولا يجوز لمسلم ولا مسلمة أن يتمنى ما خص الله به الآخر من الفوارق المذكورة .. لأن في ذلك تسخطاً على قدر الله .. وعدم رضا بحكمه وشرعه ..
ولهذا قال الله تعالى ناهياً عن ذلك : " ولا تتمنوا مَا فضَّل الله به بعضكم على بعض للرجالِ نصيبٌ مِمَّا اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إنَّ اللهَ كانَ بكلِّ شيءٍ عليماً " ..
وإذا كان هذا النهي - بنص القرآن - عن مجرد التمني .. فكيف بمن ينكر الفوارق الشرعية بين الرجل والمرأة .. وينادي بإلغائها .. ويدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة فيما لا يمكن أن يساوى بينهما فيه ؟
ووالله لو حصلت المساواة في جميع الأحكام - مع الاختلاف في الخِلقة والقدرات - لكان هذا انعكاساً في الفطرة .. ولكان هذا هو عين الظلم لكل منهما ..
ولباس التقوى
مها : ولذلك أوجب الله على المرأة الحجاب .. وفرض عليها الستر .. والرجل يلبس ما يشاء ..
سارة : لا .. ليس صحيحاً !! الرجل لا يلبس ما يشاء ..
مها : كيف ؟!
سارة : الحجاب والستر .. فرض على كل مسلم من رجل أو امرأة .. حتى الرجل مع الرجل .. والمرأة مع المرأة .. وأحدهما مع الآخر .. كلٌّ بما يناسب فطرته .. وبحسب وظائفه الحياتية التي شرعت له ..
فواجب على الرجال ستر عوراتهم من السرة إلى الركبة عن الرجال والنساء ..
إلا عن زوجاتهم أو ما ملكت أيمانهم ..
ونهى الشرع عن نوم الصبيان في المضاجع مجتمعين .. وأمر بالتفريق بينهم .. مخافة اللمس والنظر ..المؤدي إلى إثارة الشهوة ..
وكانت قريش في الجاهلية يطوفون بالكعبة عراة .. ويقولون : لا نطوف بثياب عصينا الله فيها !! فلما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال : لا يطوفن بالبيت عريان .. رجلاً كان أو امرأة ..
ولا يجوز أن يصلي أحد وهو عريان .. حتى لو كان وحده بالليل في مكان خالٍ لا يراه أحد ..
ونهى النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدنا خالياً أن يتعرى .. وقال صلى الله عليه وسلم : ( فالله أحق أن يستحيا منه من الناس ) ..
وفي الإحرام : معلومة الفوارق بين الجنسين ..
ونهى الرجال عن الزينة المخلة بالرجولة من التشبه بالنساء في لباس أو حلية أو كلام .. أو نحو ذلك ..
ونهى الرجال عن الإسبال تحت الكعبين ..
أما المرأة فمأمورة بستر قدميها .. إما بتطويل ثوبها أو بلبس الجوربين ..
وأمر الله المؤمنين بِغضِّ أبصارهم عما يظهر من عورات الآخرين بغير قصد .. أو مما يظهر من زينة المرأة .. وحرم الله النظر إلى كل ما يثير الشهوة .. وهذا أدب شرعي عظيم في مباعدة النفس عن الحرام ..
وهذه الأمور التي تقدمت كلها في الحجاب العام الذي أو جبه الله على الرجل والمرأة ..
فالرجل مأمور بحجب أشياء من جسده .. والمرأة مأمورة بالحجاب أيضاً ..
والمرأة أولى بالتستر لأن الأنظار الطامعة تسبق إليها أمرها الله تعالى بتغطية زينتها .. وستر مواضع جمالها .. وأولها الوجه .. حتى تكتمل أنوثتها .. ولا يخدش أحد عفافها ..
قالت أريج : فعلاً .. والله كلام رائع ..
أذكر أن امرأة كانت متمسكة بصلاتها .. وكان زوجها يحبها كثيراً ويغار عليها .. وكانت متساهلة بالحجاب .. فربما كشفت وجهها أمام إخوانه .. بل وأصدقائه أحياناً .. وأحياناً قد تصافحهم ..
كان زوجها كثير الشكوك فيها .. وتكثر مشاكلهما بسبب كثرة شكوكه وأسئلته الاتهامية المتتابعة .. وقد رزقهما الله عز وجل بولدين كالقمرين .. كانت المرأة تصبر لأجلهما ..
كثرت المشاكل بسبب أسئلته : ماذا يقصد فلان بنظرته ..؟ فلان لما صافحتيه .. لماذا أطلت بقاء يدك في يده ؟ فلان لماذا تضحكين على نكته ؟
كان زوجها رجلاً عنده غيره .. ويشعر أنه ملك وهي ملكة .. والملكة لا ينبغي أن يشارك الملك فيها أحد ..
تقول هذه المرأة : من كثرة المشاكل فكرت في طلب الطلاق مراراً .. وكان إذا سافر ارتاح .. وإذا حضر فنحن في مشاكل ..
تعبت كثيراً من كثرة التفكير .. ما هو الحل ..
فقررت يوماً : أن أتبع ما أمر الله به المؤمنات من لبس الحجاب .. وترك مصافحة الرجال ..
فالتزمت بالحجاب الشرعي .. وغطيت وجهي .. فلا يراه إلا زوجي ومحارمي ..
وتجنبت الاختلاط بالرجال الأجانب عني ..
والله لقد شعرت بلذة عظيمة .. شعرت بعزة .. شعرت أن من كنت أخالطهم لما علموا بحجابي ازدادت قيمتي عندهم .. احترموني أكثر .. فعلاً هذه هي الفطرة التي خلق الله عليها المرأة ..
ومن بعدها .. لم يقع بيننا مشكلة واحدة .. والحمد لله ..
ثم واصلت سارة قائلة : لذلك .. أريج .. فرض الله على المرأة الحجاب لأنه خالقها والأعلم بها ..
سارة : صحيح .. لذلك ما شرع الله تعالى شيئاً إلا لحكمة يعلمها ..